قرانات أخرى في التسلط والانتقال:

أود أن أذكر هذا النوع من القرانة لأهميته وشيوعه في العالم النسائي سواء عند المسلمين أو غيرهم، وهو نوع خاص يصيب النساء، ودخل معالجوه في متاهات لا أول لها ولا آخر، ولم يستفد منها المرضى كثيرا لأن حقيقتها لم تشخص بدقة كافية حتى يمكن التعامل معها بما يليق بها..

هذه القرانة هي التي تسمى عند البعض بالجن العاشق، أو العارض... فيصيب الأنثى ويمنعها من الزواج، وإن تزوجت تجد صعوبة في الإنجاب أو صعوبة في التأقلم في الحياة الزوجية بصيغة من الصيغ، وهو ينقسم إلى قسمين:

الأول: هو ما يأتي من السحر المعمول للأنثى لهذا الغرض وهو قليل جدا بالنسبة للثاني، ولا يؤثر جدا إلا إذا كان معقودا او مرصودا، وكانت المعمول لها ضعيفة في العبادات والمعاملات..

اما الثاني: فهو الأخطر والأكثر شيوعا والأبلغ ضررا، وهو الذي ينتقل من الآخرين ويتسلط متى أتيحت الفرصة، وله علاقة بنظرة الرجال الخائنة وتبرج المرأة أو تهتكها بشكل من الأشكال، وهو معنى قوله تعالى: فَلَا تَخۡضَعۡنَ بِٱلۡقَوۡلِفَيَطۡمَعَ ٱلَّذِي فِي قَلۡبِهِ مَرَضٞ وَقُلۡنَ قَوۡلٗا مَّعۡرُوفٗا .. فالأمر موجه إلى نساء النبي في بيان كمال التقوى ومن خلالهن إلى باقي المؤمنات..

اما الخضوع بالقول فهو اللين فيه والتذلل معه وفتح طمع الضعفاء من الرجال فيه، وقيل في تفسير معنى الخضوع بالقول: هو الخشونة في كلام النساء والامتناع عنه في غير محرم، والواقع أنه لا يكفي، وقد ثبتت منكرات مع المحارم، ولكن كلمة "تخضعن" لها معان نورانية يجب ان تحلل على الحروف القائمة بها، أذكرها لأهميتها البالغة..

تَخۡضَعۡنَ:

التاء لها كمال الحواس الظاهرة، وفقدانها تجعل المرأة تعمل على إبرازها، كتجميل الأعين او حركاتها، أو طريقة الكلام أو الشفتين أو اليدين أو الرجلين وما إلى ذلك مما تعرفه النساء وتعتمد عليه في إبراز أنوثتها لتفتن بها..

الخاء لها الذوق للأنوار، وهو يجعل الجسد ساكنا راصيا متزنا، وفقدان الذوق للأنوار يجعل عدم الاستقرار في الجسد، فتجد المرأة تتكلم بجسدها فتحرك منه تارة الأكتاف وتارة الصدر وإذا مشت ضربت برجلها فتحرك الباقي...

الضاض لها قول الحق، وفقدانه يجعل المرأة تقول الكذب بحركاتها وتوهم غيرها بذلك كالرقة والحنان...

العين لها العفو، وعند فقدانه لا ترحم المرأة ضعف الرجل إن لا حضت فقدان توازنه مع حركاتها، ولكنها تستغل ذلك وتزيد من إغرائها فتزيده المفتون فتنة والمريض طمعا ...

النون لها الفرح بالله، وعند فقدانها تفرح المرأة بما يجعلها مميزة بمفاتنها وتزيد من طريق إبرازها وإظهارها للناظرين بما تراه جالبا أكثر ومؤثرا أكثر..

ذكرت هذا لأن كثير من الشريفات العفيفات لا يعرفن كيف يحصن أنفسهن من هذا الشيطان اللعين، أو اللاتي أصبن به كيف يتخلصن منه بسلوك طاهر وطيب لا تحتاج فيه إلى شيخ يصرعها أو ساحر يمكر بها...

أما علة ذلك فهي كما يلي:

فالمرأة الفاتنة (التي تخضع بالقول، والقول فيه قول الكلام وقول الأفعال).. تفتح لها نفسها طمع مرضى القلوب، وذلك قول الحق فيه: فَلَا تَخۡضَعۡنَ بِٱلۡقَوۡلِفَيَطۡمَعَ ٱلَّذِي فِي قَلۡبِهِ مَرَضٞ..

الذي في قلبه مرض: هو الذي اعتل قلبه بظلمات فقدان انوار الميم وهو النفع فلم يبق فيه إلا الضرر، والراء ولم يبق فيه حسن التجاوز وأصبح يتفاعل مع كل حال وكل حدث، والضاض وافتقد منه الحق ولم يبق فيه إلا الكذب في المقال والأفعال والأحوال... هذا القلب يكون محط سكنى شيطان أسود أخرص، له خصوصية اتباع عورات النساء!!..

وإذا أردنا أن نقرأها منعكسة، وكثير من الرجال لا يريدون أن يكونوا حاملي هذا النوع من الأضرار، وربما هم مستعدون لصيام الحول على ذلك أو التصدق بكل اموالهم للنجاة من ذلك... نقول لهم: راقب نفسك أيها المؤمن.. إذا كنت تجد في نفسك ضعفا بينا أمام الإناث، وتجد خصوصية في اتباع حواسها الظاهرة، أو جسدها لفقدها الأنوار، أو ميلها وميلانها بالكذب، أو لم ترحم ضعفك، أو هي معتزة بما تفعل، وأنت راقك ذلك فراجع نفسك على انوار "مرض" وحاول أن تقيم ما يمكن تقييمه ابتداء بالنور الأخير صعودا إلا الأول...

اما إن ثبتت العلة في الأنثى (وخضعت بالقول) ومرت أمام الذي في قلبه مرض (الرجل الذي يسكنه شيطان أخرص)، فإنها تتكرك فيه أثرا من تهتكها، وبقدرما يتمناها الرجل السفيه لنفسه ولا يجدها في متناوله، فإن الشيطان يقوم مقامه في ذلك، ويكون له الحق في ملاحقتها بباطل في ما لا تدري من حيث لا تدري..

فإن تكررت النظرات والمحاولات تتكرر أعراض الشياطين، فإن بلغوا النصاب وهم أربعون شيطانا لأربعين نظرة خائنة لأربعين محاولة للتهتك المرأة فإن العارض الرصد يقوم مقام الأربعين العادية.. ويمكن ان تكون في نظرة واحدة إذا مرت المرأة أمام من توفرت فيه شروط في الفساد بكاملها..

أما تشخيص المرض، فإن الأنثى تجد في نفسها ابتعادا من سلوك النساء وقربا من سلوك الرجال بمقاييس تختلف حسب الإصابة، يصحب ذلك آلام في الرأس خصوصا في وسطه (وتلك علامة سحر العارض) وآلام في الرحم (لأن ذلك مسكنه).. وقد يتغير ذوقها وسلوكها النسائي إلى رجالي فتحب اللون الأسود مثلا وتجده كثيرا في لباسها، وقد تحس المرأة بنفور من الرجال (وهي لا تقصد ذلك) أو بميلان إليهم بالكلية حتى لا تكاد تمنعهم من شيء (كل ذلك حسب انواع العوارض وهوياتهم)...

اما الذي عندنا في العالم الإسلامي فهو النفور من الرجال، وقد يشاركها العارض في إيجاد مصدر رزق تعتمد عليه وهو معينها فيه، وقد تجد في الحلم أو اليقضة كأنها متزوجة، وربما تجد انها حملت وولدت، وربما يتكرر ذلك.. وتجد المرأة نفسها قد اندمجت في ذلك من حيث لم تعلم، وعادة لا تذكر ذلك لأحد، وإن ذكرته لأقرب الناس يخفونه خشية الناس، أو إذا بحثوا على علاج لا يجدون إلا من يزيد عللا على العلة، ويبقى الأمر على ما هو عليه (إلا من أخذ الله بيدها)...

ذكرت هذا وذكرت معه بعض أعراضه، فمن أصيبت بشيء من هذا واستطاعت أن تقاوم هذه الأعراض بأضدادها، وألخصها فيما يلي لعموم الفائدة:

1) أن تقتلع تماما على أكدار او ظلمات "تخضعن" فإنه موقف أسباب العدوى ومقطع عليها الإمداد الشيطاني..

2) التمسك بظاهر الشرع (صلاة في وقتها وصيام إن استطاعته) وخصوصا الذكر.. وتعتبر آية الكرسي حصن حصين، فإن فعلتها دبر صلاة مرة أو ثلاثة أو خمسة أو سبع مرات فهو أبلغ، وإن زادتها كلما تريد الخروج من البيت أو الدخول إلى العمل يكون أبلغ، وإن زادت عليها وردا مخصصا قبل النوم بأربعين مرة أو سبعين أو مائة، مضافا إلى أوراد الصباح والمساء ما اسطاعت، فإنه يقلل من حدة العارض ويضعفه فلا يبقى له تأثير حتى تتم الغلبة عليه بالكلية..

3) محاولة التشبث بالسلوك النسوي، النظافة والألوان الفاتحة والتعطر ومحاولة الاندماج في الأسرة، وهجر العزلة ومعاكسة الإيحاء المادي (الذي سبق الكلام عليه).. ومحاولة التريث في الجواب إن اقتضى الأمر مجادلة زوجها إن كانت متزوجة، وتحاول ألا تنفر من زوجها تحت أي ذريعة من الذرائع حتى لو استحق الأمر ذلك، فإن العارض إن لم يقدر على المرأة المتزوجة فإنه يسعى وراء زوجها إن وجده لذلك سبيلا، فيفعل بالرجل امورا تنفر منها المرأة ولا تجد معه متعة، فالعلاج بالنسبة إلى المرأة هي أن تستعد لذلك وتعتبره كأنه دواء، وتقاوم ذلك النفور بالإقبال، فإن ذلك يقهر العارض قهرا.. أما إن كانت مقبلة على الزواج فلتحفظ حواسها ولسانها وعقلها (حتى لا تقع عرضة لمكائد العارض الذي يلبس الفكر ويصدر الحكم، وتكون هي ضحية تنفيذه بالقول أو العمل)..

4) في امور آلام الرأس لا يُحتاج إلى أدوية مهدئة بقدر ما يلزم ضغط حول الرأس جمعا ولو بخرقة (كما سبق ذكره على اليافوخ في باب الحجامة)، يكون جمعا محكما كلما دعت الضرورة إلى ذلك، اما آلام الرحم فيجب رفعها من الخارج كما تعرفه النساء البلديات، فإن هبوط الرحم يثقل على المرأة نشاطها (ونحسبه جهاز دموي) ويؤثر كل المفاصل الحركية وحتى على الجهاز العصبي، ورفعه يكون بزيت بحركات خارجية قبل الفطور لمدة دقيقة مرتان أو ثلاث في الأسبوع... .

0 Commentaire(s)

Poster un commentaire