مفهوم الطب

الطب في اللغة علاج الجسم و النفس، يقال رجل طبٌّ أو طبيب يعني عالم بالطب، و رجل طبٌّ بكذا أي عالم بها، و الطبيب في الأصل معناه الحاذق بالأمور العارف بها، و بها سمي الطبيب الذي يعالج المرضى..

و الطب قديم قدم العلل، و كان الاهتمام به حسب اختلاف العقائد و الشرائح و الملل، فمن الناس من نظره ظاهرا لا باطن له، و منهم من نظره باطنا لا ظاهر له، و منهم من نظره مربوطا بالمأكل و المشرب و التنفس، و منهم كذلك من نظره مربوطا بغضب الطبيعة و نقمة الشياطين...

إذا رجعنا إلى أصل الأنوار و منبع الأسرار الذي هو كتاب الله فإننا نجده خاليا تماما من كلمة الطب أو التطبيب لا على مستوى الكلمة و لا على مستوى الجدر، و كذلك لم تأت كلمة علاج، و لكن الذي ورد في كتاب الله هو المرض و الشفاء..

أما في صيغة الطب فجاءت أقرب كلمة لها على أصل الأنوار و هي كلمة ( طيب أو طيبات أو طيبون...) كقوله تعالى:(كُلُواْ مِن طَيِّبَٰتِ مَا رَزَقۡنَٰكُمۡۚ)و قوله تعالى: (يَأۡمُرُهُم بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَيَنۡهَىٰهُمۡ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ ٱلطَّيِّبَٰتِ)...

أما كلمة المرض أو مرض فجاءت في كتاب الله على وجهين أولاهما في وصف الترخيص له كقوله تعالى: (فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوۡ عَلَىٰ سَفَرٖ فَعِدَّةٞ مِّنۡ أَيَّامٍ أُخَرَۚ) و الأخرى في وصفه وذمه كقوله تعالى: (فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٞ فَزَادَهُمُ ٱللَّهُ مَرَضٗاۖ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمُۢ بِمَا كَانُواْ يَكۡذِبُونَ ١٠)

و كذلك كلمة الشفاء كقوله تعالى: (وَنُنَزِّلُ مِنَ ٱلۡقُرۡءَانِ مَا هُوَ شِفَآءٞ وَرَحۡمَةٞ لِّلۡمُؤۡمِنِينَ ) و قوله تعالى: (وَيَشۡفِ صُدُورَ قَوۡمٖ مُّؤۡمِنِينَ ١٤ وَيُذۡهِبۡ غَيۡظَ قُلُوبِهِمۡۗ) و قوله تعالى: (وَإِذَا مَرِضۡتُ فَهُوَ يَشۡفِينِ ٨٠) ...

و لنرجع إلى مادة البحث بفضل الله و حسن توفيقه من المنظور العلمي حتى نواكب أهل الطب و التخصص، و نلقي نظرة على الطب و الدواء الذي وصل في عصرنا إلى أعلى المراقي و كما يظهر لأهل التخصص في الغرب وكما يراه عموم الناس و خواصهم ..

و نحن في الألفية الثالثة، عصر الجين، لا يزال المتخصصون يبحثون في حقيقة الطب أو التطبيب الحقيقي، فمنهم من يرى أن أخذ حبة أسبرين عند ألم الرأس من عزائم الأمور، و هذا ما يسمى الأخذ بأثريات المرض والعلة.. و هذا هو الطب العرضي ( La médecine symptomatique)..و الاستعجال فيه إجباري لكي لا تكون مضاعفات..

و الآخرون يرون أن الطبيعة أوجدت في الجسد قِواما طبيعيا، يبث في أصل العلة أو المرض من داخل الجسم، فإن كان جرثوما أو فيروسا تصدى له و قاومه، و اهتدى بغريزة طبيعية إلى إنتاج مضاد حيوي طبيعي، من شأنه القضاء على العلة أو المرض من الداخل ...

(مثال لذلك) ...

جهاز الطب الطبيعي هو الذي يسمى حاليا جهاز المناعة، أو المناعة المكتسبة système immunitaireو بدأ الاهتمام به أكثر في السنين الأخيرة بعدما بدا في عالم الطب الظاهري هذا الفيروس المحطم لجهاز المناعة الطبيعي VIH(والموضوع من أصله على المحك)، و إن كانت بعض خلايا الطب الظاهري أو الأثري بدأت تهتم في كثير من النقط في العالم بالطب الطبيعي، أو كما يسمى عندهم الطب الغير العادي، أو الطب بما فوق العادة Médecine surnaturelle فإنه لا يزال في مهده، لأن نهج البحث فيه تقتصر فقط على جانب الظاهر، بينما الجانب الخفي هو الذي له و منه التأثير..

و لا يمكن بحال من الأحوال أن يُنكر على علماء الغرب أمانتهم العلمية في البحث الذي لا ينتهي، واعترافهم بأن فعلا هناك عادة طبية تخرق في الوصول إلى العلاج من علة أو مرض عضوي، كجرح أو قرحة في المعدة أو سرطان أو أي شيء آخر بغير الوسائل المعروفة و المألوفة لدى الطب العضوي المعروف.. و إن كان ذلك قليل الوجود، و لكنه على كل حال موجود..

هذا ما سنحاول بحول الله و حسن توفيقه تناوله في هذه الحصة، و لكي لا ندخل في صراع مع الأطباء الماديين و علماء النفس..

اعتمدت مؤلفا غربيا لمناقشته، لا للتعليق و لا الرد عليه، و إنما أعتبره لفتا لانتباه الباحثين من خلاله، إلى ما لم يتوفقوا للبحث فيه و الانتباه إليه، و لي اليقين أنهم سيجدون في هذا استحسانا، لأنهم فعلا أطباء، و مادة بحثهم في الطب، لا التعصب إلى منهج و انتماء..

فالكتاب الذي سنحاول مناقشته يدخل في موسوعة كبيرة بعنوان عجائب الفكر نتناول منه في مادة الطب كتاب بعنوان: قدرات ما فوق الطبيعة ( Les pouvoirs du surnaturel لمؤلفه روبير طوكي Robert Tocquet

 

0 Commentaire(s)

Poster un commentaire