فاتحة الكتاب..

إذا رجعنا مثلا إلى فاتحة الكتاب و راجعنا أوجه الأحرف، يعني القراءات، يعني الأنوار التي نزلت بها هذه السورة الشريفة و تواترت علينا على يد الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم نجد أن مثلا من قوله تعالى: ( إِيَّاكَ نَعۡبُدُ وَإِيَّاكَ نَسۡتَعِينُ ٥).. قرأت هكذا عند السبعة و كذلك عند الجمهور، و قرأت (إيَاك) بتخفيفها و كسرها و هي قراءة عمر بن فايد، و يقال أنها قراءة شاذة، و قرأت كذلك: (أيَّـاك) بفتح الألف، و قرأت كذلك (هَيَّـاك) ..

و جميع المسلمين لا يسعهم إلا الاستسلام و الرجوع إلى قوله تعالى: (وَٱلرَّٰسِخُونَ فِي ٱلۡعِلۡمِ يَقُولُونَ ءَامَنَّا بِهِۦ كُلّٞ مِّنۡ عِندِ رَبِّنَاۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّآ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ) و العاقل يتبع ما توافق عليه الجمهور و تعارف عليه.. أما إذا رجعنا إلى قاعدة الأنوار المحمدية في بحث معاني الحروف نجد المعاني التالية:

إيـَّاك: الألف الأولى بمعنى لبيك ربي و سعديك و نمتثل أمرك في النشأة الأولى و لا خيار لنا في ذلك، فلك الأمر و منك الأمر و لا حول و لا قوة إلا بك.. و الياء: نخشاك ربي و كيف لا نخشاك و أنت ذو الهيبة و الكمال و العظمة و الكبرياء، فسبحانك نخشاك و نخشى من يخشاك لأنه بك فسبحاك، و هذا معنى التشديد.. و الألف الثانية لامتثال الأمر في الحياة الأولى و بعد الموت الأولى، خلقتنا لنمتثل أمرك و ننال برك و نشكر خيرك فثبتنا لما خلقتنا و كن لنا في أمرتنا .. و الكاف و تدل على المعرفة بالله، إنما يخشى الله من عباده العلماء..

و أما (إيَاك) بدون تشديد على الياء فتدل على الخوف من الله و لا تفصل فيه و هذا كذلك جائز..

و (أَيَّاك) فتح الألف بمعنى لبيك ربي على الخلقة الآدمية البشرية..

و (هَيـّاك) ننفك من غيرك كما أكرمتنا بهذه الخلقة التي ميزتنا بها عن غيرنا من الكائنات و المخلوقات، و قلت تبارك اسمك و لا إله غيرك: (لَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ فِيٓ أَحۡسَنِ تَقۡوِيمٖ ٤)..

فكل القرءات سليمة و كل الحروف أنوارها حقيقة و أسرارها دقيقة ..

فهذا هو القياس في باقي الكلمات من الفاتحة الشريفة، فالجمهور قرأ (الصراط) و هناك من قرأ (السراط) بالسين، كما أن من قرأها بالزين حتى قال الزمخشري أنها لغة بني عذرة و بني كلاب و الصواب أن الصاد تدل على كمال العقل، و السين يدل على خفض جناح الذل و الزين تدل على الصدق مع كل أحد، فأي من الأنوار مبين للصراط المستقيم، و كلها أنوار يصح بها اتباع الصراط المستقيم أو السراط المستقيم أو الزراط المستقيم... فاللهم صل على سيدنا محمد باب سرك المصون و سر نورك المخزون و نور سرك المكنون و على آله و صحبه و سلم تسليما..

0 Commentaire(s)

Poster un commentaire