أنوار الرجال والنساء:

كلمة "الرجال" أنوار تقوم عليها مكونات الرجال، وكلمة "النساء" كذلك أنوار مؤهلة للنساء، فلا يكون الرجل رجلا أو المرأة امرأة حقيقة إلا إذا كان كل منهما يحمل أنواره التخصصية كاملة، ولا يمكن أن يكون انسجام رباني (طبيعي وتام) بين الرجل والمرأة إلا إذا حمل كل منهما أنواره كاملة، وعلى قدر النقص يكون الانتقاص كمّا وكيفا وقدرا ومقدورا... وهذا الذي نحمله على أكف الأمان والتطلع إلى الباحثين من أبنائنا وبناتنا، لأنه أساس كل بنية زوجية، التي هي أساس الأجيال والمستقبل في الأمة (والتي وقع فيها ما وقع، وواقعها لا يخفى على متوقع)..

وقع لغط كبير في هذا المكون السلوكي في الإنسان الممثل في الرجل والمرأة، سواء من علماء المسلمين انجذابا إلى التقاليد أو العوام انجرارا في الأهواء والنزوات أو الغربيين العابثين جهلا بهذه المقدرات جهلا بالدين وبعدا عن الصراط المستقيم.. ونقيم أنوار الرجال والنساء السلوكية وبعد ذلك نناقشها حسب المقتضيات النوراية وهي كما يلي:

ومن تأمل انوار الحروف بين كلمتي "الرجال والنساء" يجد أن بينهما حروف مشتركة وهي الألف واللام، تليها حروف مخصصة لكل فرد منهما، ثم يأتي حرف مشترك ثم بعدها حرف مخصص للرجل، وسر ذلك كما يلي:

الألف واللام لهما امتثال أمر الله والعلم الكامل، وهما للرجال والنساء معا، فامتثال أمر الله هو للناس جميعا إلا فيما صدرت فيه علة أو رخصة قال صلى الله عليه وسلم: النساء شقائق الرجال في الأحكام.. وكذلك العلم مطلوب قال صلى الله عليه وسلم : طلب العلم فريضة على مسلم ومسلمة (والحديث صحيح المعنى مشهور بين التابعين وعلماء المسلمين ولو تماحك حوله المتماحكون لعطف المسلمة على المسلم في طلب العلم) .. ومن تأمل النورين لا يجد انفكاكا بينهما، فكيف يمتثل أمر الله من لا يعلم صحته؟؟ فطلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة..

أما في أنوار التخصص للرجل والمرأة كل منهما على حدة حسب التكوين الفسيولوجي والفطرة التي فطر الله كل من الجنسين عليها حتى يؤدي كل من الفردين ما لا يقدر عليه الآخر، وعليه سميت زوجية، وهما نورين منفصلين عند الرجال: الراء والجيم..

الراء: لها حسن التجاوز، ومعناه عدم الوقوف مع الأحوال، وذلك يتلاءم مع بنية الرجل العملية، فحسن التجاوز يبقي فيه من السلوك صافيه ومن الأخلاق نقية ولا تتأثر بنيته فيطغى ولا يفسد طبعه فيغوى..

الجيم: وله من الأنوار الصبر، وله أهمية في تماسك النور الذي سبقه، إذ لولا الصبر في البأساء والضراء وحين البأس لما أفلح في حسن تجاوزها، وذلك مخل ببنيته الفسيولوجية والسيكولوجية والنفسية والإيمانية...

وفي مقابل هذين النورين عند المرأة يوجد النون والسين.

النون: له من الأنوار الفرح الكامل بالله عز وجل.. فما كان للرجل في البنية كمالا فمقابله عند المرأة جمالا، وما كان يلائم بنية الرجل في التحمل فهو يقابله عند المرأة التأمل... فالرجل قوة كله والمرأة إحساس كله...

فهذا الإحساس الذي يستثمره الفكر المراقب في المرأة والجسد اللين والقلب الحنون له لب يجمعه وسر يوجهه وهو الفرح، وله مكدرات وعراقل هو الحزن، وبما أن كل فرح بالماديات والجزئيات هو فرح عارض يبلى سريعا و لا يدوم كثيرا كان هذا النور للمرأة هو ترياق السعادة الأبدية هو: الفرح بالله تعالى..

نور الفرح بالله، هو نور من حروف البسط، ومطلعه في الإنسان هو مراقبة نعم الله على العبد، والسير فيه هو الشكر عليها والوصول فيه هو الفرح بالمنعم بها...

فإن اهتمت المرأة بهذا النور العجيب فإنها تشرق ظاهرا وباطنا فكرا وجسدا وإحساسا... وليتصور علماء الاجتماع كيف تكون صحبتها وأخوتها وأمومتها وراعيتها.. ودليل أهمية هذا النور هو النور الذي يأتي بعده..

السين: ولها حفظ جناح الذل وهو كذلك من حروف البسط (لأنه لا يليق مع المرأة إلا نور البسط إذا استقامت بالألف وعملت باللام).. وخفظ جناح الذل هنا معناه أنها تدرك بنور الفرح بالله ما يزيدها بهجة ورفعة وأهمية، فجاء هذا النور الموالي حتى يكتمل سرها ولا يحصل لها الغرور بجمالها (المركب أصلا وسلوكا) وكمال توجهها فيكتمل نفعها في المعاشرة والصحبة والأمومة والتوجه وجمع الشمل للأسرة والمجتمع... .

ثم بعد ذلك يأتي ألف الامتثال لهما معا وهو الحرص على ترتيب الأنوار كل حسب ما أهله الخالق البارئ، وهما ينتهي ينتهي عمل المرأة السلوكي، اما الرجل فيبقى له عمل زائد بناء على ما أهّله الله له وأقامه فيه هو اللام الأخيرة..

اللام من حروف الرسالة وهي كاللام الأولى ولها من الأنوار العلم الكامل، إنما هي هنا لاستمداد العلم النافع في كل زمان وكان، والصالح للأجيال.. فالرجل أهله الله للتخطيط النفعي واستقبال الإلهام فيه إذا صفت سريرته وطهرت طويته، ولذلك كانت النبوءات والرسالات كلها على الرجال ، وهي في الواقع مهمة تكليف قبل أن تكون مهمة تشريف، والتشريف الأكبر فيها للمرأة بمجرد التصديق ومد العون على قدر المستطاع...

ومهمة العلم الكامل المددي تلزمه قوة في القرار وصبر على المسار واستقامة وتسليم وصدق نية آناء الليل وأطراف النهار، وهذا لا يقدر عليه إلا السلوك الرجالي، أما المرأة فيفسد ودها البناء ورونقها المعطاء... .

0 Commentaire(s)

Poster un commentaire